الأحد، 31 يناير 2010

اول غصة حب....


سألت صديقي عن أول حالة حب وقعت له، طأطأ رأسه ، ولم يرفعه، وقال:
كنت في عمر الخامسة تقريبا عندما وقعت في الحب، الحب يا جنتلمان في عمر الخامسة، كان فعلا حبا عذريا وشفافا ولا تشوبه شائبة فلم يكن في ذاك الوقت لا ستلايت و لم أكن اعرف بعد شيئا عن الفيديو وخباياه.
كانت المرأة الوحيدة التي اراها غير امي وبنت الجيران، هي الموجودة صورتها على غلاف احد أنواع الصابون..وكانت هي المرأة الوحيدة التي أراها مبتسمة كل الوقت.
كنت جالسا وقت العصر، لا افعل شيئا سوى مطاردة بعض النمل واللعب معه قبل ان اقتله او يهرب مني، فجأة مرت من امامي بنت الجيران "نوير"، مشت من أمامي كالعادة ولكني في تلك اللحظة وبعد ان قتلت ثلاث نملات وفرت الرابعة بدأت انظر ل"نوير" بطريقة مختلفة، فدق قلبي أكثر، وسرحت قليلا انظر لها وهي تمشي وكأن شيئا داخلي يقول "لبا هالزول" ... المهم انتظرتها حتى ترجع لأرى وجهها وادقق فيه أكثر...
رجعت نوير من البقالة وانا انظر لها بتمعن اكثر..ولم اجد سوى نوير، نوير لم تتغير وجه دائري وعينين صغيرتين وانف لم اعرف كيف كانت تتنفس منه...
تمعني أثار استغرابها، فهي ليست المرة الأولى التي أراها.
عدى ذاك العصر واتى المغرب ولم أتعشى وقتها ولم أكن اعرف لماذا.
المهم بدأ اليوم الثاني وذهبت لذات الباب وجلست ولكني هذه المرة لم اقتل النمل فأنا مشغول بنوير ولم أرد أن ألوث يدي بدماء الأبرياء.
أتت نوير وأنا انظر لها بتمعن أكثر وهي تنظر باستغراب أكثر، عدت من أمامي فما كان مني إلا ارتبكت وقلت لها : نوير.
قالت بعد ان توقفت: خير؟
ارتبكت ولكني قلت: جيبي لي معك مارس...
قالت: اقلب وجهك ما معي إلا ريالين فشفاش ومرندا.. ثم زادت: وأنت من أمس متردد عشان تطلب مارس؟ رح لمك وخذ نص ريال واشتر مارس...
لم يحمر وجهي، فلك الأيام لم تعرف وجوهنا إلا اللون القمحي فقط...لا يتغير مهما تغيرت الظروف.
رجعت بقوة إلى عتبة باب البيت وأصبحت ادهس كل نملة أراها أمامي بدون لا رحمة ولا شفقة.
أتى وقت المغرب، تعشيت جبنا فقط، فأنا في حالة الغضب فقط أكل الجبن.
في اليوم الثالث، ومن الصباح، بدأت أتدرب على جملة الحب الأولى : نوير، أبي أروح معك البقالة واشري لك مارس وميرندا من فلوسي.. تدربت كثيرا كثرا على هذه الجملة... واتى وقت الحصاد..
أتت نوير يزفها لي هبوب نجد العذية، ومتجه لذات البقالة ،فبرنامج نوير اليومي لا يمر دون فشفاش وميرندا..
مرت من أمامي وكأنها لم ترى احد.
قلت: نوير
قالت: خير.
قلت: أعطيك ريالين وتعطيني ريالييين ... تبين ريااااالين...عطيني رياليييين........ارتبكت كثيرا وضاعت ساعات التدريب هباء في ساحة المعركة.. فهمت نوير بالمغادرة..
إلا أني وقفت وكنت جالسا وقلت بصوت عال:
نوير أنا بروح أجيب لك مارس وميرندا من فلوسي وخلي فلوسك لليوم الاسود...
قالت نوير: سود الله وجهك... انقلع..
وقفت بكل شجاعة أمام نوير و قلت: نوير ..طيب خلاص خليني أروح معك......نظرت إلي نظرة مااااكرة وقالت: طيب خلها بكرة أجي العصر وتروح معي زين؟
قلت: زين زين زين يا زين.
عدى اسعد عصر علي في حياتي، وعدى ابطىء مغرب في حياتي ولم انم في انتظار عصر الغد السعيد...
ولما كان من الغد، وأنا بذات المكان وبذات الثوب المغير انتظر نوير...إذا هي تأتي وتقف أمامي ...وتلتفت إلى الوراء وتقول: هذا هو يا سعيدان.
لما سمعت اسم سعيدان هممت بالهروب ولكن سعيدان كان أسرع، (عرفت سعيدان؟ طبعا اخو نوير الكبير)..
امسك بيده اليسرى ثوبي من الوسط، ويده اليمنى مغروسة بحلقي... وانقطع النفس ولم استطع حتى الكلام، وبدا وكأن عصافير بيضاء ترقص فوق رأسي، ولم يقطع صوت العصافير سوى صوت سعيدان الأجش وهو يقول لي: يا حيوان لا تتعرض أختي وان سمعت انك تعرضتها ثاني مره راح أدفنك هنا.... زين...زين
لم استطع الكلام، ولكني أشرت بأصبعي للسماء (يعني احلف له) ...سحب يده اليمنى من حلقي ... واخذ ريالين من جيبي ومشى مع أخته نوير للبقالة ...
يعني لم اخسر نوير فقط، ولكني خسرت الأهم، ريالين كنت قد سرقتهما من صندوق أمي.
مر أتعس عصر علي في حياتي، ومر أتعس مغرب في حياتي ولم استطع النوم من الم في حلقي بسبب أظافر سعيدان التي غرست في حلقي...
ولكني يا جنتلمان خرجت بدرسين،الاول: لا تسرق امك ابدا، والثاني:من ذلك اليوم وحتى اليوم، لم اقتل نمله في حياتي.
تلك يا جنتلمان أول "غصة" حب في حياتي...وثاني غصة كما تعرف هي زواجي ...



***

هذه قصة صديقي! طيب وانت ماهي اول قصة حب؟