الأربعاء، 27 أكتوبر 2010

كلو يطزطز






فهد، شاب لطيف، هادئ الطبع، ذو بنية جسمانية هزيلة، خلقت لديه إحساس بالضعف ، وشكل هذا الإحساس عقدة نفسية كانت دافعه الأساسي لتحقيق حلمه الأبدي، وهو أن يمتلك جسم مفتول، تتوزع فيه العضلات بكل مكان به، بداية من الأنف وحتى الإصبع الصغير في أطراف قدميه.
في بداية المرحلة الثانوية، عرف فهد من مدرب الرياضة في المدرسة أن هناك رياضية رسمية ولها اتحاد عالمي وتنظم لها مسابقات ألا وهي رياضة كمال الأجسام، وان بناء العضلات هدف يسهل تحقيقه عندما تكون هناك رغبة وصبر وجهد والتزام.
ودار الحوار التالي بين فهد ومدرس الرياضة البدنية الذي كانت الصافرة تتدلى على كرشته البيضاوية:
فهد: وكيف استطيع يا أستاذ أن ابني العضلات في جسمي بأسرع وقت؟
الأستاذ: تستطيع القيام بذلك عبر الالتحاق بنادي صحي والالتزام مع مدرب متخصص في هذه الرياضة الحديدية.
فهد: وكم التكلفة التقريبية والوقت اللازم لذلك؟
الأستاذ: التكلفة تعتمد على النادي وقد تكون من ستة آلاف إلى عشرة آلاف لفترة سنة واحدة وقد تكون سنة واحدة جيدة للبناء.
فهد: ولكن المبلغ كبير جدا.
الأستاذ: إذن هناك طريقة ارخص كثيرا أيها الغبي الهزيل.
فهد : ما هي؟
الأستاذ: ابحث عن سطلين فارغين وأملأهما بخلطة إسمنتية بسيطة ومن ثم ابحث عن عصى قوية لتصل السطلين المليئين بالخرسانة ببعضهما، وبعد ذلك تستطيع أن تنفذ تمرين رفع الأثقال وهو من أهم تمارين كمال الأجسام.
فهد: حسنا، يبدو أن هذه الفكرة سهلة التطبيق وبالتأكيد ارخص. وهل تستطيع أن تساعدني يا أستاذ بتنفيذ الفكرة؟
الأستاذ: أنت أيها الهزيل اغرب عن وجهي، فأنا مدرس محترم وليس لدي وقت لأقوم بخلطات إسمنتية لك أو لأمثالك. هيا اغرب عن وجهي.
فهد: حسنا،حسنا، لاتغضب حتى لا تنفجر... شكرا.
ما إن وصل فهد للبيت حتى رمى الكتب في غرفته وخرج مسرعا يبحث عن حلمه بين العلب الفارغة صغيرة الحجم، ويقوم بمساعدته احد العمال بمليء علبتي نيدو من الحجم الصغير (حجم اكبر من علبة الببسي بقليل) بخلطة إسمنتية أوصلهما بماسورة حديدية قوية.
تركهما فهد بفناء المنزل حتى تتماسك الخلطة الإسمنتية في الغد.
في الصباح الباكر وقبل الإفطار، تفقد فهد الآلة السحرية والتي ستكفل حصوله على قوام عضلي قوي.
رفع فهد العلبتين من خلال الماسورة الحديدية وقد استطاع فعل ذلك بجهد متوسط.
اخذ فهد يتمرن على ذلك كل صباح قبل الذهاب للمدرسة وكذلك عند القدوم من المدرسة وبعد المغرب وكذلك قبل النوم.
وبعد كل تمرين يذهب للمرآة ويقوم بفحص العضلتين القابعتين على استحياء على زنديه الهزيلين كأعواد ثقاب.
بعد شهر من التمارين، استطاع فهد الحصول على عضلتين بحجم زيتونة سوداء تعاني من الهزال.
كان منظر العضلتين اليتيمتين كفيل ببث اليأس و بهدم معنويات حاولت علبتي النيدو بنائها في مخيلة فهد.
اخذ فهد بضرب العلب الاسمية بالأرض بغضب، وقام بجمع أشلائها ورميها ببرميل الزبالة والدموع تترقرق على عينية الغائرتين.
استطاع فهد خلال يومين العودة لحياته من جديد ولكن هذه المرة بتصميم على أن يتقبل قدره الذي رماه بهذا الجسد الضعيف.
بعد سنوات، وفي احد الأيام يجلس فهد بصالة انتظار في احد المستشفيات عندما عرضت قناة تلفزيونية إعلانا عن افتتاح نادي رياضي بمدينة الرياض هو مجهز بأحدث الأجهزة ، وكان من بين اللقطات الإعلانية صورتين لشاب واحد تمثلان مرحلتين احدهما قبل الالتحاق بالنادي والأخرى بعد الالتحاق بالنادي، وكان الشاب يظهر بالصورة الأولى بجسم هزيل وبالصورة الأخرى يظهر وكأنه شخص آخر وقد تزاحمت العضلات بجسده بصورة تبعث على الانبهار.
استطاع الإعلان التلفزيوني والذي استغرق اقل من دقيقة على بعث الحلم القديم من مرقده، ومرت علبتي النيدو المليئة بالخرسانة الإسمنتية المبعثرة بخيال فهد.
صمم فهد على معاودة المحاولة ولكن هذه المرة عن طريق هذا النادي الرياضي ليكون بوابة عاد منها الحلم القديم بعد سنوات من دفنه.
في عصر اليوم التالي، كان فهد يتفقد النادي الرياضي باحثا عن مدرب الحديد، وقد وجد المدرب،كان قصير القائمة ، أصلع وبجسم عضلي مشدود، وقد دار الحوار التالي بينهم:
فهد: مرحبا، أنا فهد وأريد أن التحق بالنادي.
المدرب: أهلا وسهلا، أنا شحاته مدرب اللياقة البدنية والحديد في النادي.
فهد: لا أذيع سرا إن قلت أن السبب الرئيسي لالتحاقي بالنادي هو أن أجد مدربا متخصصا بكمال الأجسام، أريد منه يساعدني على أن يكون جسمي مليئا بالعضلات، فهل تستطيع أن تأكد لي مقدرتك على مساعدتي على ذلك؟ لا أريد أن اخسر الوقت والمال بدون فائدة!
المدرب: حسنا، بالتأكيد لا احد يريد أن يخسر الوقت والمال، استطيع أن أكد لك ذلك إن أكدت أنت لي على استعدادك للقيام بجميع الممارسات اللازمة لذلك، والممارسات تشمل ليس فقط التمارين الرياضية والعاب الحديد وإنما أيضا التغذية المطلوبة لذلك وان تلتزم ببرنامج لياقي و غذائي صارم، وأعدك بأنك ستجد خلال سنة واحدة أن عضلات بحجم البطيخ والقرع مزروعة على زنديك.
فهد: ذلك آمر سهل، المهم بالنسبة لي هو النتيجة النهائية.
المدرب: حسنا، استكمل إجراءات التسجيل وسنبدأ غدا يا أخ فهد.
فهد: إن شاء الله،ولقد سررت بالتعرف عليك.
في اليوم الثاني أتى فهد يحمل آمال كبيرة بجسم هزيل، التقى المدرب شحاته، وبدأ المدرب يشرح له ماذا يأكل وكم عدد الوجبات، وان وزنه يجب أن يزيد عن وزنه الحالي بما لا يقل عن عشرة كيلو غرامات، وبدأ كذلك بشرح آلة التدريب الأولى والتي كانت لعضلات الصدر.
ومرت الأيام، ومرت الشهور الثلاث الأولى، ولم تزداد عضلات فهد لا عددا ولا حجما، ولكن طموحة كان يزداد، وكان دافعه الأول هو ما يشاهده بالنادي من شباب مفتولي العضلات يمشون بشموخ يعتريه الغرور.
وكان أن لاحظ أن احد الأعضاء ازدادت عضلاته وكبر حجمها خلال فترة وجيزة وكان هذا العضو قد التحق بعد فهد بأسبوع كامل.
اقترب فهد من العضو وبدأ بالسلام...ما أسمك؟
العضو: اسمي بشار.
فهد: ما شاء الله عليك، أنت التحقت بعدي ولكن تقدمت بشكل مذهل، هل من سر تصفه لي.
بشار: (تفاجأ بالسؤال وارتبك قليلا)، فقط اهتم بالوجبات واجتهد أكثر بالتمارين.
فهد: أنا آكل تقريبا ست وجبات باليوم، واقضي ساعات برنامج التدريب كاملا وربما أزيد قليلا ولكني لم احظ حتى اليوم ولو بنصف عضلاتك!
بشار: (وقد هم بالرحيل) حسنا، أنصحك بالإكثار من الطماطم والخيار في كل الوجبات...السر يكمن بالطماطم والخيار يا أخ فهد.
اخذ فهد يتمتم: اكتشفت السر أخيرا...طماطم وخيار...
وقد اخذ فهد بالنصيحة، وصارت الطماطم والخيار تأخذ دور البطولة في مسلسل الوجبات...
ومرت الأيام سريعة، ومرت الستة الأشهر الأولى، وقد كبرت عضلتي فهد، العضلتين التين تستلقيان على زنده... أصبحتا بحجم بيضة دجاجة اندونيسية اكبر من الزيتونة واصغر من الليمونة.
و مع هذا الحجم الجديد، بدأ يشكو فهد من الحرقان جراء إكثاره من أكل الطماطم.
ومرت الأيام أسرع، وإذا بالسنة تنتهي، وينتهي فهد بعضلتين بحجم بيضة دجاجة سيرلانكية اكبر من الزيتونة واصغر من الليمونة.
ذهب فهد باليوم التالي وهو آخر يوم في النادي أكمل معه السنة، ذهب مباشرة للمدرب وهو غاضب، ومصاب بالحرقان.
فهد: أهلا يا شحاته، أين وعدك لي بأن عضلاتي ستنمو وستتراكم على زندي مثل البطيخ ومثل القرع؟؟
شحاته بارتباك وإحساس بالورطة: ربما الوقت لم يسعفك، يجب أن تستمر لسنه أخرى وسترى أن عضلاتك ستتراكم على زنديك مثل البطيخ ومثل القرع ...
فهد: (بغضب) أنت كاذب،كاذب ومدلس ، ولماذا بشار تدرب فقط لمدة ستة أشهر وتراكمت عليه العضلات مثل البطيخ ومثل القرع...لماذا نصيب بشار البطيخ والقرع وأنا نصيبي البيض والليمون ...لماذا لماذا لماذا...
يطأطئ شحاته رأسه بأسى، ثم يرفع رأسه ويأخذ فهد من يده ويتجه به إلى مكتبه، وبعد دقيقة صمت، قال شحاته بصوت خافت: البطيخ والقرع لا تأتي إلا بعد الطزطزه...
فغر فهد فاه: طزطزه؟؟؟ وما هي الطزطزه يا شحاته؟ ولماذا لم ترشدني لها لأطزطز وأنهي معاناتي التي طالت وتعمقت؟؟
شحاته: الطزطزة يا فهد هي الإبر التي تؤخذ لتكبير حجم العضلات أضعاف الحجم الطبيعي وبفترة عدة أشهر فقط.
فهد: أتقصد أن بشار مثلا يطزطز؟
شحاته: كلو بيطزطز يا فهد، بشار وعبدا لله ومساعدي حماده... كو بيطزطز.
فهد: بصوت خافت، وأنت يا شحاته؟ أنت تطزطز مثلهم؟؟
يطأطئ شحاته رأسه: وأنا كذلك يا فهد اطزطز، ولكني توقفت منذ زمن عن الطزطزة، منذ ان قتلت الطزطزة صديق عمر أشرف، الطزطزة تقتل يا فهد، ولها مضار كثيرة تبدأ بأمراض القلب ولا تنتهي بأمراض العجز الجنسي، الأفضل يا فهد أن لا تستخدم هذه الإبر فأن لم تتسبب في مقتلك فأنها ستكون بوابة الإمراض لجسدك...
خرج فهد من النادي وهو مفجوع من هول من ما سمع، وقبل الخروج من بوابة النادي قابل بشار وجها لوجه، وقال له: طماطم وخيار...طماطم وخيار يا بشار... أصبتني بالحرقان يا مطزطز.

هناك 4 تعليقات:

  1. سرد رائع ومفيد
    شكرا لك
    تقبل مروري

    ردحذف
  2. اهلا وسهلا اخي العزيز خلفان

    ردحذف
  3. كسر خاطري فهد

    ولو إني مو مقتنعه بأن سنة من التدرييب ما اتبين فيه ..!!
    في ناس مع التدريب اتعضل و بدون طزطزة

    تحياتي

    ردحذف
  4. اهلا الجودي
    .
    .
    سنة كافي تشد الجسم بس مستحيل تكون قادرة على زرع عضلات ضخمة...هذي حقيقة علمية مو توقعات، اغلب الشباب الخليجي مثلا قبل الصيف بأربع شهور يطلع عضلات بحجم كبير بسبب كورسات الحقن اللي ياخذها مو بالتدريب..

    ردحذف

تفضل بالتعليق..حياك