الثلاثاء، 25 مايو 2010

سائح بين مدن - الكويت


لم يكن يوم العاشر من ديسمبر يوما عاديا، فقد كان موعدا غراميا من طراز فخم، ولم يكن السفر فيه عبارة عن تذكرة وحقيبة، و لم يكن اقلاع من ارض وهبوط من سماء، كان موعداً رهيبا لي، فأنا مشتاق وجاهل في نفس الوقت.
اما كيف؟. فالشوق وصف لحالتي وأما الجهل فقد كان طورا ومرحلة وجهلي هو بمدى شوقها لي، وكيف لي أن اعرف مداه؟
أقلعت الطائرة في حوالي الثالثة عصرا، كانت أجواء الرياض غائمة على استحياء، وكانت شمسها كعذراء في يوم خطبتها، وكعادة الوداع بيني وبين الرياض يكون فيه بعضاً من الملح على لحظات سريعة.
كان الهبوط بعد ساعة تقريبا من الاقلاع وقد تم بسلامة الله.
وهناك كان الجو غائما حد السواد، وكان الهواء باردا حد فرك الايادي، وكان الشوق رهيبا هناك حد الاحتضان او يزيد.
قبل هذه الرحلة بأسبوعين تقريبا، كنت في مدينة دبي، ولم يكن الجو اللطيف غريبا علي لمعرفتي المسبقة بها، ولم يدر بخلدي ان هناك فخا ينصب لي.
كنت على توقع بأن الكويت، المدينة الساحلية، ستكون قريبة من أجواء دبي، لذا لم اكن حريصا على لبس ثقيل الملابس، وكانت غلطة كلفتني أياما من التعب تحت وطأة برد الكويت القارس.
من ارض المطار استقلينا زميلي وانا السيارة وكانت الوجهة مدينة السالمية.
عندما تشعر الدفء بالمعاملة الانيقة، عندما يكون الطيب حد الكرم ، عندما تكون الوجوه باسمة كوجوه اصدقاء الطفولة، عندما تكون الاناقة ابتسامة على طرف شفاه بريئة، عندما تكون الانوثة انوثة والعيون جريئة ، عندما يكون الكلام : آمر، هلا، من هذي قبل هذي ، عندها فقط يجب ان تعرف انك بالكويت ووسط الكويتيين.
عندما ازور أي مدينة ساحلية، يوجد بروتوكول شخصي الزامي، الا وهو الوقوف على شروق الشمس او على الاقل على غروبها، وفي الكويت ورغم ان الغيوم حالت دون شمس صافية، الا ان المشهد كان جميلا وفريدا بالنسبة لي، فبرغم ان الهواء كان باردا، الا ان لقائي بالامواج كان دافئا ومنظرا لن انساه.
تبدأ الموجه من بعيد، سريعة كحصان تمرد ذات غضب، وعندما كانت تنتحر بأحضان الصخوركان الاحساس بداخلي ان الموجة سكنت هنا، بداخلي ألا منتهي لها. لتولد موجه حب لوردة الخليج قد لا تموت.
من التجول في شوارع الكويت ،أسواقها، المقاهي، المطاعم ، قراءة بعض الجرائد، تجاذب أطراف الحديث مع بعض الكويتيين، اتضح لي مدى التطور والرقي، الا ان اكثر ما جذبني، واثار إعجابي،هو الحراك السياسي والانفتاح الاجتماعي.
فرغم ان الكويت كانت ساحة لاكبر حرب في النصف الثاني من القرن السابق، ورغم وقوعها تحت ضغط جغرافي وسياسي وتاريخي، الا انه توجد في الكويت تجربة ديمقراطية قد لايماثلها تجربة على اتساع رقعة الوطن العربي الكبير، وان كان حادث انتقال السلطة الدستوري سلط الاضواء عليها اكثر من أي حدث آخر، الا ان المتابعين لهذه التجربة لم يتفاجؤوا بالانتقال الراقي للسلطة.
كان الوداع، وداع الوامق الكمد، كان وداعا حارا لمدينة لم يثنيني بردها عن الوقوف على بحرها في احد الصباحات التي لاتنسى. كانت رحلة جميلة تحفل بالذكريات الاجمل.
كان وداع للقاء سيكون قريبا ان شاء الله.

هناك 4 تعليقات:

  1. الكويت من المدن التي اتمنى السفر اليها ^^

    رحلة موفقة وعودة سالمة هع

    ردحذف
  2. كلامك وايد ناعم .. شوقني أطلع أعمل جولة في ربوع بلادي ..


    يا خوي ما عليكم زود و حياك الله الكويت أكيد اترحب فيك بكل وقت أهلها و شمسها و أمواج بحرها .. كلهم لك دار و إذا ما شالتك الأرض مكانكم عيونا يا أهل السعوديه ..

    شكرا لك

    ردحذف
  3. اهلا وسهلا الجودي
    نورت المدونة..
    تسلم عيونكم يا اهلنا بالكويت...ولا تفرق بيننا ابدا الحدود الجغرافية، شعب واحد بلدين.
    .
    .
    حقيقة كنت اتمنى ازور الكويت بفبراير...اذا سمحت ضروفي ما راح افوتها..
    .
    .
    شكرا وجودك الاجمل هنا ..

    ردحذف

تفضل بالتعليق..حياك